من لا يقرأ التاريخ محكوم عليه إعادته

عندي سؤال بسيط. هل هناك إختلاف بالاساس من بين مَن يغضي عن التاريخ تماماً وبين مَن يلجأ الى رواية منحرفة التاريخ؟ هذا الصباح نشرَت الجريدة الساخرة "البصل" مقالة بعنوان "يذكّر مؤرخون الوطن بتذكيراً مهذباً بانه من المستحسن استبصار في احاديث الماضي قبل ما يقيم بأخذ قراراً مهماً". كلنا نعرف القول المأثور "من لا يقرأ التاريخ محكوم عليه إعادته". بالأكيد بنسبة لتغزلنا المستمر في هذا الوطن بالمرشح االذي يعظ بنظريته  الشعبية المنافقة وافكاره عن ترحيل ١١ مليون من المهجرين يبدو كأن لم تعلمنا دروس الماضي. نرثي عدم الفهم فيما يتعلق بالتاريخ لدى الاخرين ايضاًً. نلوم القادة الأوروبيين على عجزهم عن تذكر حين كان الأوروبيون انفسهم المهاجرون. ونلوم داعش على قراءته المنحرفة بنسبة لعقيدته الدينية. خلال مناقشة الصف في الإسبوع الماضي قلنا ان ميزة الايديولوجية الاسلامية السياسية هي عدم استخدام خطاب تاريخانية. التقدم التاريخي بنسبة لهم هو ليس التطور انما الرجوع الى حالة سابقة.

يتيح لنا قراءة اجزاء من كتابة الشيخ محمد عبدو فرصة لكي نعتبر تأثير التاريخ على خطاب ديني. بدلاً من انه يدعي ان كان المجتمع الاسلامي كامل في بدايته بشكل مبهم، يشير الى حديث معين في تاريخ الخلافة العباسية وهو تدخل الجنود الاجنبي في خدمة الدولة الاسلامية. يقول عبدو

"فاراد (الخليفة العلوي) أن يتخذ له جيشاً أجنبياً من الترك والديلم وغيرهم من الامم التي ظن أنه يستعبدها بسلطانه...هناك استعجم الاسلام وانقلب عجمياً"

في محاولة توضيح اسباب افساد المجتمع الاسلامي الباكر، يتهم الشيخ ان كان المسلمين الغير عرب هؤلاء الذين أدمجوا الافكار السياسة في العقيدة الاسلامية وبذلك أفسدوا ما كان مثالي في الاسلام ولوثوا "صورة الإسلام في صفائها ونصوع بياضها". مع ان يستخدم احاديث حقيقة وتفاصيل معينة، يتعمد هذا التفسير التاريخي على مفاهيم العنصرية وكراهية الأجانب. هل هم من الممكن ان ندعي ان هذا السرد التاريخانية هو مفضل من سردا الذي يلجأ الى يوتوبية متخيلة في المجتمع الاسلامي المكي. بفضل بحوث معاصر في علاقات سياسية بين الاتراك والعرب في بلاط العباسي نعرف ان كان هناك كثير علاقات معقدة جداً مبنى على المكائد السياسية. ونعرف ان وظّف السلجقيون مبدأ التقوى الاسلامي من أجل تبرير الهيمنة العسكرية. ولكن لا يدعي اي من هؤلاء المؤرخون المعاصرون ان فاسدوا السلجقيون نواة العقيدة الاسلامية. المشكلة هي بالفعل ان لا يستطيع التاريخ كممارسة اكاديمية ان يقيس او يعالج شيء اسمه "التقوي" او "العقيدة الحقيقة". هذه الاشياء ليست إلا مفاهيم مغيبة ولذلك خارج مجال التاريخ تماماً. 

Comments

Popular Posts